في عام 1974، عندما وطأت أقدام مهندسي شركة "تشاينا رود آند بريدج" أرض رواندا لبدء بناء أول طريق سريع، لم يتخيل أحد أن هذه ستكون بداية مسيرة نصف قرن من التعاون المشرق في مجال البنية التحتية بين الصين وأفريقيا. على مدى 50 عامًا، من هضبة شرق أفريقيا إلى ساحل غرب أفريقيا، ومن صحراء الصحراء الكبرى إلى رأس الرجاء الصالح، قامت الشركة بتنفيذ ما يقرب من ألف مشروع في 54 دولة أفريقية. من خلال الجسور والطرق والموانئ، نسجت شبكة بنية تحتية حديثة ساهمت في تغيير ملامح الاقتصاد ومسار التنمية في القارة السمراء.

شرايين فولاذية: شبكات السكك الحديدية تعيد تشكيل الجغرافيا الاقتصادية لأفريقيا

في كينيا، يمتد خط سكة حديد مومباسا-نيروبي مثل تنين فولاذي بطول 480 كيلومترًا، يربط بين ميناء مومباسا (أكبر موانئ شرق أفريقيا) والعاصمة نيروبي. هذا الخط الذي بُني وفق المعايير والتقنيات الصينية، لم يضم فقط 14 ممرًا للحياة البرية و79 جسرًا مخصصًا لعبور الحيوانات، بل قلص أيضًا وقت نقل البضائع من أكثر من 10 ساعات إلى 4 ساعات فقط، مع خفض تكاليف النقل بنسبة 40%. وقد شهدت بلدة "فوي" الصغيرة على طول الخط تحولاً اقتصادياً مذهلاً، من بلدة مجهولة إلى وجهة سياحية شهيرة. أما في السنغال، فإن طريق "تييس-توبا" السريع - أول طريق سريع تموله الصين في البلاد - يشكل "ممرًا ذهبيًا" بطول 113 كيلومترًا يربط بين المركز الاقتصادي والمدينة الدينية المقدسة، معززًا التكامل الإقليمي في غرب أفريقيا.

محاور بحرية وبرية: الموانئ العملاقة تنشط التجارة

على ساحل غرب أفريقيا، يعد ميناء "نواذيبو" في موريتانيا بمثابة "شريان الحياة الاقتصادية" للبلاد. هذا الميناء الذي بنته شركة "تشاينا رود آند بريدج" يحمل 90% من حجم الواردات والصادرات الوطنية. وقد ساهم مشروع التوسع الذي بدأ في 2010 في زيادة الطاقة الاستيعابية للميناء إلى أكثر من 4 ملايين طن سنويًا، مع توفير أكثر من 5000 فرصة عمل. وفي جنوب شرق أفريقيا، أصبح جسر "مابوتو" في موزمبيق - بامتداده الرئيسي البالغ 680 مترًا - أكبر جسر معلق في أفريقيا، حيث قلص وقت العبور الحدودي من 8 ساعات إلى 30 دقيقة فقط، مما أدى إلى زيادة حجم التجارة بين موزمبيق وجنوب أفريقيا بنسبة 25% سنويًا. هذه المشاريع العملاقة تثبت حكمة "لكي تثرى، ابني طريقًا أولاً"، وتمكن الدول الأفريقية من الانفتاح على الأسواق العالمية.

التحول الأخضر: الطاقة الجديدة تنير مستقبل القارة

مع دخول الألفية الجديدة، تتوسع مشاريع "تشاينا رود آند بريدج" في أفريقيا نحو مجالات التنمية الخضراء. في مدينة "موليبولول" ببوتسوانا، تنتج محطة الطاقة الشمسية (4 ميجاوات) طاقة نظيفة تكفي 3000 أسرة، مع تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 4200 طن سنويًا. من مشاريع الطاقة الحرارية الأرضية في كينيا إلى خطة الطاقة الشمسية في الصحراء، فازت الشركة بـ17 مشروعًا للطاقة الجديدة بقدرة إجمالية تبلغ 83 ميجاوات. هذه المشاريع لا تمثل فقط تحولاً تاريخيًا في التعاون الصيني الأفريقي من البنية التحتية التقليدية إلى البنية التحتية الخضراء، بل تظهر أيضًا التزام الطرفين المشترك بمواجهة تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة.

خمسون عامًا من العمل الدؤوب، لم تكن مجرد سلسلة من المعجزات الهندسية، بل قصة تعاون مربحة للطرفين. من مرحلة تصدير العمالة في البداية إلى تصدير المعايير التقنية اليوم، ومن المشاريع الفردية إلى التعاون في سلسلة الصناعة الكاملة، يواصل التعاون الصيني الأفريقي في مجال البنية التحتية كتابة فصول جديدة. كما قال الرئيس الكيني وليام روتو: "هذه البنية التحتية التي ساعدنا أصدقاؤنا الصينيون في بنائها، تجعل الحلم الأفريقي في متناول اليد". وفي المستقبل، مع تعميق التكامل بين مبادرة "الحزام والطريق" و"أجندة أفريقيا 2063"، سيواصل التعاون الصيني الأفريقي في مجال البنية التحتية دفع عجلة التنمية والازدهار في القارة الأفريقية.(هذه المقالة من الموقع الرسمي لشركة Seetao www.seetao.com. يُحظر إعادة الطباعة دون إذن. يُرجى الإشارة إلى Seetao.com + الرابط الأصلي لإعادة الطباعة) محرر عمود الاستراتيجية في Seetao.com / Sun Fengjuan