وقعت المملكة العربية السعودية والشركات الصينية 42 اتفاقية استثمارية في منتدى الأعمال السعودي الصيني في بكين يوم 25 سبتمبر 2025، بقيمة إجمالية تزيد عن 1.74 مليار دولار (حوالي 12 مليار يوان)، تشمل مجالات متقدمة مثل المركبات الذكية والطاقة والمعدات الطبية.
في 25 سبتمبر، شهد وزير الصناعة والموارد المعدنية السعودي بندر الخرافي توقيع 42 اتفاقية استثمارية بين السعودية وشركات صينية، بإجمالي يتجاوز 1.74 مليار دولار.
التوسع في سلسلة التوريد الكاملة من النفط التقليدي إلى الهيدروجين الأخضر
في مجال الطاقة، تجاوز التعاون بين الجانبين الإطار التقليدي للتجارة وامتد إلى مجالات متقدمة مثل التكامل بين التكرير والمعالجة، والطاقة المتجددة، والهيدروجين. وقعت أرامكو السعودية وشركة سينوبك الصينية "اتفاقية الإطار التعاونية لمشروع توسيع مصفاة ينبع"، حيث تخطط للاستثمار بأكثر من 10 مليارات دولار في توسيع مصفاة ينبع السعودية، وإضافة 1.8 مليون طن سنوياً من الإيثيلين، و1.5 مليون طن سنوياً من وحدة الأروماتيك مع خطوط إنتاج البولي أوليفين المرافقة، لإنشاء أول قاعدة تكرير وإنتاج رقمية بالكامل على مستوى العالم. بعد تشغيل المشروع، سيرتفع إنتاج المصفاة من المنتجات الكيماوية بنسبة 40٪، مع تخصيص 60٪ من المنتجات عالية الجودة لسوق الصين، بينما تنخفض كثافة انبعاثات الكربون بنسبة 12٪، مما يجعلها نموذجاً جديداً للتصنيع الأخضر.
شركة صناعة وبناء المشاريع التابعة لشركة سينوبك توقع عقد مشروع الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء
بالإضافة إلى ذلك، حقق التعاون بين الجانبين في مجال الهيدروجين تقدمًا ملموسًا. وقعت شركة صناعة هندسة البناء التابعة لشركة سينوبك عقد دراسة الجدوى الأولية (FEED) لأكبر مشروع للهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في العالم مع شركة ACWA Power السعودية، حيث سيتم استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية الغنية على طول ساحل البحر الأحمر لبناء منشأة متكاملة تنتج 400 ألف طن من الهيدروجين الأخضر و2.8 مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويًا، ومن المتوقع أن تبدأ عملياتها التجارية بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه، وقعت شركة سوتشو سينسيتشوان الصينية المتخصصة في تكنولوجيا الهيدروجين عقدًا مع شركة Moaj السعودية لبناء 6 محطات تزويد بالهيدروجين على طول طريق الرياض-جدة السريع في السعودية، منها 3 محطات مجهزة بمنشآت إنتاج الهيدروجين الأخضر على الموقع باستخدام تقنية خلية التحليل الكهربائي بقدرة 750 كيلوواط، مما سيساهم في بناء شبكة البنية التحتية للهيدروجين في السعودية.
من تجارة النفط الخام إلى علامة فارقة في الربط العميق بين الصناعة
يمتد التعاون الطاقة بين الصين والصين إلى بدايات إقامة العلاقات الدبلوماسية عام 1990، حيث بدأ الطرفان بالتجارة في النفط الخام، ثم تطور تدريجياً إلى نمط تعاون متعدد الأبعاد يشمل "النفط والغاز + الصناعات الكيماوية + الطاقة الجديدة". وفي عام 2007، دخلت مصفاة ينبو المشتركة بين الصين والصين عمليات الإنتاج، حيث تكرّم 430 ألف برميل يومياً من النفط الثقيل السعودي، لتصبح أحد المشاريع الرمزية المبكرة لمبادرة "الحزام والطريق". وفي عام 2023، استثمرت أرامكو السعودية 24.6 مليار يوان في شركة رونغشينغ للبتروكيماويات، لتضمن قنوات إمداد طويلة الأجل بالنفط الخام، وتعيد إطلاق مشروع مصفاة بانجين، محققةً نمطاً جديداً للتعاون القائم على "استبدال الاستثمار بالسوق".
في السنوات الأخيرة، واصل الطرفان تعزيز جهودهما في مجال التكامل بين التكرير والبتروكيماويات. بدأ مشروع المرحلة الثانية لتكرير النفط في قوراي بمقاطعة فوجيان في نوفمبر 2024، باستثمار إجمالي قدره 71.1 مليار يوان، ويتم بناؤه بالاشتراك بين شركة سينوبك، وشركة أرامكو السعودية، وشركة فوجيان للبتروكيماويات، ويشمل 1.6 مليون طن سنوياً من تكرير النفط و1.5 مليون طن سنوياً من وحدة إيثيلين، وسيوفر 5 ملايين طن سنوياً من المواد الخام لقاعدة قوراي البتروكيماوية بعد تشغيله، مما سيؤدي إلى استثمار يقارب 200 مليار يوان في القطاعات المترابطة والمتعلقة بالبتروكيماويات. وفي الوقت نفسه، تعمل أرامكو السعودية وسينوبك على مشروع "مصفاة+" في ينبو بالمملكة، لاستكشاف تقنيات تحويل النفط وتعزيز تنوع الصناعة السعودية.
الممارسات المبتكرة في مجال الطاقة الشمسية والهيدروجين والتقنيات منخفضة الكربون
في سياق التحول العالمي في مجال الطاقة، تسارع التعاون الصيني السعودي نحو مجال الطاقة النظيفة. سيُفتح مركز البحوث والتطوير التابع لشركة سينوبك في الشرق الأوسط لأول مرة أمام الجمهور في يوم الأرض العالمي عام 2025، حيث سيعرض نتائج مبتكرة مثل نموذج متكامل للطاقة الشمسية والهيدروجين وجدار تفاعلي للحياد الكربوني، كما سيتم إنشاء مختبر مشترك مع أرامكو السعودية وشبيك للتركيز على تقنيات رئيسية مثل إنتاج الهيدروجين الأخضر وتوفير المياه في الصحاري. من ناحية أخرى، أطلقت شركة ACWA Power السعودية مشروعًا للطاقة المتجددة بقدرة 1 جيجاوات في الصين، وأنشأت مركزًا للابتكار في شنغهاي يركز على أبحاث مجالات مثل الطاقة الشمسية وتخزين الطاقة وتنقية مياه البحر.
بالإضافة إلى ذلك، تعاون الجانبان في استكشاف مجال التحول الرقمي. قام مشروع توسيع مصفاة ينبع بإدخال نظام تقني "المصفاة الذكية"، بالاستفادة من مزايا الصين في مجال الأتمتة وإنترنت الأشياء، مما حقق زيادة بنسبة 15% في كفاءة استخدام الطاقة وانخفاضًا بنسبة 12% في كثافة انبعاثات الكربون. كما استثمرت أرامكو السعودية 2 مليار دولار من صندوق التنمية المستدامة في شركات ناشئة صينية تعمل في مجال إنتاج الهيدروجين ومواد ألياف الكربون، لتعزيز التطبيقات التجارية للتكنولوجيا.
من التكامل في مجال الطاقة إلى التعاون العميق في الحوكمة العالمية
التعاون الصيني السعودي في مجال الطاقة يتوافق دائمًا مع مبادرة "الحزام والطريق" ورؤية السعودية 2030. وتُعتبر السعودية محورًا لـ"الحزام والطريق" في الشرق الأوسط، حيث تعمق التعاون مع الصين في سلسلة التوريد للطاقة من خلال مشاريع مثل مصفاة ينبل وقاعدة غور العطان للبتروكيماويات. ومن ناحية أخرى، تعتمد الصين على مزاياها التكنولوجية والسوقية لمساعدة السعودية على تحقيق التنوع الاقتصادي والتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون. على سبيل المثال، في مشروع التوسعة الثالثة لشبكة أنابيب الغاز الطبيعي السعودية، فازت شركة البترول الصينية للهندسة وشركة الكهرباء الصينية بعقود بقيمة 1.699 مليار دولار و1.5 مليار دولار على التوالي، مما يعزز كفاءة إمدادات الطاقة في المنطقة الاقتصادية الغربية بالمملكة.
لا يقتصر التعاون بين الجانبين على المجال التجاري فحسب، بل يتشكل أيضًا إجماع على مستوى الحوكمة العالمية. في مؤتمر الإصدار الخارجي لسلسلة تقارير تطوير صناعة الطاقة والبتروكيماويات الصينية لعام 2025، ناقش الخبراء الصينيون والسعوديون مسار تحول الطاقة، مؤكدين على مواجهة تغير المناخ من خلال التعاون التقني. صرح رئيس أرامكو السعودية بأن الصين هي أهم سوق استراتيجي للسعودية، وأن الجانبين سيزيدان استثماراتهما باستمرار في مجالات مثل التكرير والهيدروجين والرقمنة، للمساهمة معًا في تشكيل نظام طاقة عالمي جديد.
تعليق
أكتب شيئا~